سَقَطَتْ حُرُوفُ قَصِيدَتي يَا أُمُّ عَنْ كَتِفِ السّطُورْ
فَغَمَسْتُها بِدِماءِ مِحْبَرَتي، وَأَورِدَتي تَفُورْ
لأَخِيطَ عُنْواناً عَلى جَفْنِي وَأَهْدِيَهُ إلى حُلُمٍ أَسِيرْ
نَزَعُوا عَناوِينَ الضّحَى مِنْ حِضْنِ دَالِيَتي وَأَكْمامِ النّدَى
وَعَباءَةُ الثّورَاتِ رَفْرَفَ ظِلُّها بِينَ الْعَواصِفِ وَالْخُطُوبْ
وَيَحيلُ لَونَ خِبَائِها وَجَلٌ وَآمالٌ تَذُوبْ
وَحَضَارَتي سُلِبَتْ مِنَ التّارِيخِ وَانْكَمَشَ الصّدَى
تَرَكَتْ مَعاطِفَها عَلى نَارِ التّكَايَا وَالْبَخُوْر
فَتَمَزّقَتْ بَينَ الْعُرُوشْ
كُلٌّ يُعاتِبُ شَعْبَهُ بَينَ الْجُيُوشْ
وَالْجُنْدُ تَكْتُمُ دَمْعَها فَوقَ النُّعُوشْ
لَمْلَمْتُ مِنْ جَوفِ الْحِكايَةِ لَحْنَ أْرِضِي وَالنّشِيدْ
فَانْتَابَنِي وَجَعٌ وَلي وَطَنٌ يَمُدُّ عُيُونَهُ بَينَ الْمُدَى
وَطَني تَكَدّرَ ضَوؤُهُ لَمْ يَلْقَ شَمْعاً أًو يَدَا
تِلْكَ الْعَواصِمُ لَمْ تَذُدْ عَمّا تُرِيدْ
وَاسْتَلْطَفَتْ حَرْفَ الْغَريمِ وَغَرّبَتْ صَوتَ الطّيُورْ
فَتَلَعْثَمَ الثّغْرُ الْمُغَلّفُ بِالشّجُونِ وَصَلْصَلَتْ فِيهِ الْعِدَا
وَرَقاتُ وَرْدِي تَسْتَقِي وَجَعَ الْقَصِيدْ
وَتَعَلّقَتْ بَينَ الْمَغارِبِ وَالْمَشارِقِ أُمّةٌ تَخْشَى الْغَدَا
سُفُنُ الْقَصائِدِ صُودِرَتْ كَلِمَاتُها قَبْلَ الْمَوانِئِِ وَالشّطُوطْ
وَكَمَنْجَةُ الْبَلَدِ الْعَتِيقِ تَمَلّقَتْ أَوتَارَهُمْ
وَاللّحْنُ بَاعَدَ في الْمَدَى
فَمَعازِفُ الْحَرْبِ ارْتَقَتْ ظَهْرَ الأَنامْ
أَوْتَارُها شُدّتْ عَلى طَبْلٍ سُدَى
وَيَقُولُ جَدّي حَاذِرِ الثّعْبانَ في تِبْنِ الصّدِيقْ
لا تَرْتَمُوا في حِضْنِ مَنْ جَهِلَ الطّرِيقْ
ثُمَّ انْتَحَى جَنْباً يَبُثُّ مَواعِظَ السّلْمِ الرّقِيقْ
فَقَدِ ارْتَمَينا في الْكَلامِ وَفي النّدَا
وَهُناكَ أَشْرَسُهمْ نُيُوباً يَقْضِمُ التّارِيخَ مِنْ أَورَاقِ ذاكِرَتي..
فَيَكْتُبُهُ على رَمْلِ الصّحارَى وَالرّدَى
وَتَخَشّبَتْ في خَاطِري لُغَةُ الضّمِيرْ
حَتى إِذا وَصَلُوا جِدارَ الْعَظْمِ حَطّوا في الْفُؤادْ
وَتَرَبّصُوا بِالْجَذْرِ، وَالْفَرْعُ انْتَفَى وَتَأَبّدَا
قَدْ أَتْعَبَتْهُم جَمْرَةُ الشّرَفِ الْمُكَبّلِ في الْبِلادْ
وَطَنٌ تَعَثّرَ خَطْوُهُ بَينَ الْوَصَايَا وَالرّقَادْ
قَلَمِي اشْتَكَى خُلُقَ الْوَرَى فَتَقَيّدَا